top of page
לוגו לבן.png

وَحَدَثَ بَعْدَ هذِهِ الأُمُورِ أَنَّهُ كَانَ لِنَابُوت اليَزْرَ عِيلِي كَرْمٌ فِي يَزْرَعِيلَ بِجَانِبِ قَصْرِ أَخْآبَ مَلِكِ السَّامِرَةِ.                      (كتاب الملوك الأول ٢١: ١-١٦)

انكشاف دائرة الاستيطان!

WZOLogo.png

في كانون الأول عام 2015 أقرّت الكنيست "قانون مكانة المنظّمة الصّهيونية العالمية والوكالة اليهودية لإسرائيل". كان هذا أول قانون يتمّ إقراره بمبادرة من عضو الكنيست الشاب آنذاك سموتريتش. رغم هذا العنوان الطويل والمعقّد، إلا أنه هدفَ في الواقع لضمان أمر واحد وهو استمرار دائرة الاستيطان بإدارة مخزون الأراضي الهائل الذي صادرته إسرائيل لصالح المستوطنات في الضفة الغربية. لكن، وكما في حالة "قانون التسوية" الذي كان سموتريتش أحد المبادرين إليه، فقد نسي أيضًا في هذه الحالة أن يقول للجمهور أن لديه مصلحة شخصية في هذا القانون. حيث أنه وقبل أحد عشر عامًا، حصل سموتريتش وزوجته، عبر صفقة مشبوهة، على قرضٍ عقاريّ من دائرة الاستيطان، من أجل شراء منزل تمّ بناؤه بشكلٍ غير قانوني على أرض ذات ملكية فلسطينية خاصة، كانت دائرة الاستيطان سوية مع مستوطني كدوميم قد استولت عليها. لكن الصفقة الخاصة التي عقدتها عائلة سموتريتش ليست إلا غيض من فيض لثقافة الإدارة الإجرامية المزدهرة في دائرة الاستيطان، والتي تتيح للكثير من المستوطنين كسب عيش جيد من خلال مخالفة القانون والدوس عليه. تتكرر هذه القصة مرارًا وتكرارًا: ملايين الشواقل التي تحوّلها الدولة كل عام إلى دائرة الاستيطان (100% من ميزانية دائرة الاستيطان تأتي من الدولة)، يتم تمريرها كقروض (والتي لا يتم سدادها على الإطلاق في الكثير من الأحيان) بشروط مريحة للغاية، بما في ذلك للمستوطنين الذين يمثّل انتهاكهم العنيف والمستمر للقانون مصدرًا لرزقهم.

أُقيمت دائرة الاستيطان عام 1968 بغية تطبيق مشروع الاستيطان الذي بدأ يتأسس في تلك السنوات. مع مرور الوقت، تحولت دائرة الاستيطان إلى مقاول التنفيذ الأساسي لدولة إسرائيل في كل ما يتعلّق بإدارة الأراضي التي تم مصادرتها من الفلسطينيين ونقلها إلى المستوطنين بواسطة ألاعيب متعددة. في السنوات الأخيرة اتّضح مرة تلو الأخرى أنّ دائرة الاستيطان لا تكتفي بإدارة مئات الآلاف من الدونمات التي صادرتها دولة إسرائيل ونقلتها إلى إدارتها، بل إنها تتخصص أيضًا "بإدارة" أراضٍ قامت هي والمستوطنون بالاستيلاء عليها بموافقة ضمنية من الجيش، على الرغم من معرفتهم بأنها أراضٍ ذات ملكية فلسطينية خاصة. وهذا ما جرى، على سبيل المثال، في كل من عوفرا، عمونا، جفعات هاولبانا شمال بيت إيل، وفي البؤر الاستيطانية ميجرون، معاليه رحبعام ومتسبيه كراميم، وبدون أدنى شك في أماكن أخرى عديدة لم يتم الكشف عنها بعد.


 

إن ثقافة الاستباحة الاجرامية السائدة في دائرة الاستيطان ليست بالأمر الجديد. ففي العام 2005 كتبت المحامية طاليا ساسون في تقرير عن البؤر الاستيطانية: "أقامت دائرة الاستيطان بؤرًا استيطانية غير مرخّصة متجاهلةً الحاجة إلى تخطيط خرائط قانونية، ليس كفعل عشوائي، وإنما كنهج عمل". ولاحقًا في التقرير توصي ساسون بـ: "الغاء جميع تخصيصات الأراضي التي بحوزة دائرة الاستيطان ولم تخصصها للآخرين بعد وإعادتها إلى الجهة المسؤولة في حال وُجدت؛ الغاء جميع تخصيصات الأراضي التي خُصصت لدائرة الاستيطان وقامت هي بتخصيصها لآخرين خلافًا للترخيص؛ إلغاء جميع تخصيصات الأراضي التي نقلتها دائرة الاستيطان لآخرين ولم يتم استخدامها بعد، وإعادة الأراضي للجهة المسؤولة؛ إلغاء جميع تخصيصات الأراضي التي أقيمت عليها بؤر استيطانية غير مرخّصة وإعادة الأراضي للجهة المسؤولة؛ إيقاف نشاط دائرة الاستيطان في مجال إقامة بلدات إلاّ إذا تم تفويضها بذلك بشكل خاص من قبل الحكومة للعمل كهيئة استيطانية من أجل إنشاء بلدات أو توسيع بلدة معينة...".


 

لقد مر عقد من الزمن ولا تزال دائرة الاستيطان مستمرة بهذا الهيجان. في ملخص النقاش الذي عُقد في وزارة العدل (بتاريخ 10.5.2015)، والذي تناول تورّط دائرة الاستيطان بنقل حقوق أراضٍ في الضفة الغربية، كتبت نائبة المستشار القانونيّ للحكومة دينا زيلبر: "هنالك حالات تم فيها نقل حقوق على الأراضي من قبل دائرة الاستيطان لأطرافٍ ثالثة، رغم أنه لم يكن بالإمكان أصلًا نقل تلك الحقوق في نفس الأراضي لأسبابٍ مختلفة...".

 

لقد كانت زيلبر على حق بالطبع، لكن ما لم تكن تعرفه هو أن دائرة الاستيطان لم تنقل للمستوطنين فقط أراضٍ لم يكن بالإمكان نقلها، بل نقلت أيضًا أموالًا، كما في حالة سموتريتش، حيث تم نقلها إلى العديد من المستوطنين من أجل تعزيز عمليات الاستيلاء على أراضٍ خاصة واسعة، بغرضِ البناء غير القانونيّ على مستوى أوسع بكثير. القائمة طويلة وتشمل قروضًا لشراءِ منازل وجرارات وسيارات ومعدات للكراج، لاستصلاح أراضٍ لزراعة كروم العنب والزيتون ومزارع النخيل، لقطعان الماشية والأبقار، ولمعدّات مزارع تفريخ البيض، لمصانع الألبان ومصانع النبيذ والمعاصر. إنّ هذه القروض تلبّي احتياجات أولئك الأشخاص والهيئات الذين يقومون منذ عدة سنوات بانتهاكٍ مستمرّ وثابت للقانون، من أجل مواصلة القيام بما يعرفون فعله على أفضل وجه: الاستيلاء، السلب، الطرد، التهديد ونهب مجتمعات فلسطينية كاملة لأراضيها وممتلكاتها، ومن ثم إنشاء أعمال مزدهرة على تلك الأراضي المنهوبة التي بين أيديهم. وكما في حالة الاستيلاء على الأراضي المتورّطة بها دائرة الاستيطان، فإن القروض التي تمنحها دائرة الاستيطان تتّبع نمطًا من العمل قد تكرر في عشرات الحالات التي فحصناها على مدار سنوات طويلة. يشير هذا النمط من العمل إلى ثقافة إجرام أيديولوجيّ مستمر، تموّله هيئة تسيطر على ميزانياتٍ عامة، تبلغ مئات الملايين من الشواقل سنويًا، وعلى عقارات تفوق قيمتها الخيال.

bottom of page